كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واضرب بفتح الباء أصله اضربن بنون التوكيد الخفيفة فحذفت النون وحركت الباء بالفتح، والطارق ما يطرق بالليل والقونس: منبت شعر الناصية وهو عظمٌ نابت بين أذني الفرس، ثانيها: أنه منصوب على الحال أي: صافحين ثالثها أن يكون مفعولًا من أجله وقيل غير ذلك {أن} أي: أنفعل ذلك لأن {كنتم قومًا مسرفين} أي: مشركين لا نفعل ذلك وهو في الحقيقة علة مقتضية لترك الإعراض، وقرأ نافع وحمزة والكسائي بكسر الهمزة على أن الجملة شرطية مخرجة للمحقق ومخرج المشكوك استجهالًا لهم وما قبلها دليل الجزاء، وقرأ الباقون بفتحها وذكر تعالى تأنيسًا للنبي صلى الله عليه وسلم وتأسية وتعزية وتسلية قوله سبحانه وتعالى:
{وكم أرسلنا} أي: على ما لنا من العظمة {من نبي في الأولين} أي: في الأمم الماضية ثم حكى حالهم الماضية بقوله تعالى: {وما} أي: والحال أنه ما {يأتيهم} وأغرق في النفي بقوله تعالى: {من نبي} أي: في أمة بعد أمة أو زمان بعد زمان {إلا كانوا} أي: خلقًا وطبعًا {به يستهزؤون} كما استهزأ قومك بك فلا ينبغي أن تتأذى من قومك بسبب تكذيبهم واستهزائهم لأن المصيبة إذا عمت خفت.
تنبيه:
كم خبرية مفعول مقدم ومن نبي تمييز وفي الأولين متعلق بالإرسال أو بمحذوف على أنه صفة لنبي.
{فأهلكنا} أي: فتسبب عن الاستهزاء بالرسل أنا أهلكنا {أشد منهم} أي: من قريش الذين يستهزؤون بك {بطشًا} أي: قوة وكان الأصل الإضمار ولكنه أظهر الضمير صارفًا أسلوب الخطاب إلى الغيبة إقبالًا على نبيه صلى الله عليه وسلم تسلية له وإبلاغًا في وعيدهم {ومضى} أي: سبق في آيات الله {مثل} أي: صفة {الأولين} في الإهلاك وفي لك وعد للرسول صلى الله عليه وسلم ووعيد لهم مثل ما جرى على الأولين واللام في قوله تعالى: {ولئن} لام قسم {سألتهم} أي: سألت قومك {من خلق السموات} على علوها وسعتها {والأرض} على كثرة عجائبها وعظمها وقوله تعالى: {ليقولن} حذف منه نون الرفع لتوالي النونات وواو الضمير لالتقاء الساكنين {خلقهن} الذي هو موصوف بأنه {العزيز} أي: الذي لا يغالب {العليم} بما كان وما يكون.
تنبيه:
هذا الجواب مطابق للسؤال من حيث المعنى إذ لو جاء على اللفظ لجيء فيه بجملة ابتدائية كالسؤال فكان الجواب هنا الله كما غيره من الآيات، لكنه عدل عنه إلى المطابقة المعنوية مكررًا للفعل تأكيدًا لإغراقهم زيادة في توبيخهم وتنبيهًا على عظم غلطهم.
ولما تم الإخبار عنهم ابتدأ الأدلة على نفسه بذكر مصنوعاته فقال تعالى: {الذي جعل لكم} ولو كان ذلك قولهم لقالوا لنا: {الأرض مهادًا} أي: فراشًا قارة ثابتة كالمهد للصبي ولو شاء لجعلها مزلة لا ينبت فيها شيء كما ترون من بعض الجبال، فالانتفاع بها إنما حصل لكونها واقفة ساكنة فإنها لو كانت متحركة ما أمكن الانتفاع بها في الزراعة والأبنية وستر عيوب الأحياء والأموات، ولأن المهد موضع راحة الصبي فكانت الأرض مهادًا لكثرة ما فيها من الراحات، وقرأ الكوفيون بفتح الميم وسكون الهاء والباقون بكسر الميم وفتح الهاء وألف بعد الهاء {وجعل لكم فيها سبلًا} أي: طرقًا تسلكونها وذلك أن انتفاع الناس إنما يكمل إذا سعوا في أقطار الأرض فهيأ تعالى تلك السبل ووضع عليها علامات ليحصل الانتفاع ولو شاء لجعلها بحيث لا يسكن في مكان منها كما جعل بعض الجبال كذلك ثم ذكر الغاية في ذلك فقال تعالى: {لعلكم تهتدون} أي: لكي تهتدوا إلى مقاصدكم في الأسفار وغيرها فتتوصلون بها إلى الأقطار الشاسعة والأقاليم الواسعة أو لتهتدوا إلى الحق في الدين.
{والذي نزل} أي: بحسب التدريج ولولا قدرته تعالى الباهرة لكان دفعة واحدة أو قريبًا منها {من السماء} أي: المحل العالي {ماء} أي: لزرعكم وثماركم وشرابكم بأنفسكم وأنعامكم {بقدر} أي: بقدر حاجتكم إليه من غير زيادة ولا نقصان لا كما أنزل على قوم نوح بغير قدر حتى أغرقهم {فأنشرنا} أي: أحيينا {به} أي: الماء {بلدة} أي: مكانًا يجتمع فيه للإقامة يعتنون بإحيائه يتعاونون على دوام إبقائه {ميتًا} أي: كان قد يبس نباته وعجز أهله عن إيصال الماء إليه ليحيا به، قال البقاعي: ولعله أنث البلد وذكر الميت إشارة إلى أن بلوغها في الضعف والموت بلغ الغاية بضعف أرضه في نفسها وضعف أهله عن إحيائه.
{كذلك} أي: مثل هذا الإخراج العظيم الذي شاهدتموه في النبات {تخرجون} من قبوركم أحياء، والمعنى: أن هذا الدليل كما دل على قدرة الله تعالى وحكمته فكذلك يدل على قدرته على البعث والقيامة، ووجه التشبيه: أنه جعلهم أحياء بعد الإماتة كهذه الأرض التي انتشرت بعدما كانت ميتة، وقيل: بل وجه التشبيه أن يعيدهم ويخرجهم من الأرض بماء كالمني كما تنبت الأرض بماء المطر قال ابن عادل: وهذا ضعيف لأن ظاهر لفظ الإشارة الإعادة فقط دون هذه الزيادة. ثم شرع تعالى في إكمال ما تقتضيه الحال من الأوصاف فقال عز من قائل: {والذي خلق الأزواج} أي: الأصناف المتشاكلة التي لا يكمل شيء منها غاية الكمال إلا بالآخر على ما دبره سبحانه في نظم هذا الوجود {كلها} من النبات والحيوان وغير ذلك من سائر الأكوان لم يشاركه في شيء منها أحد وقال ابن عباس رضي الله عنه: الأزواج الضروب والأنواع كالحلو والحامض والأبيض والأسود والذكر والأنثى، وقال بعض المحققين: كل ما سوى الله تعالى فهو زوج كالفوق والتحت واليمين واليسار والقدام والخلف والماضي والمستقبل والذوات والصفات والصيف والشتاء والربيع والخريف، وكونها أزواجًا يدل على أنها ممكنة الوجود في ذواتها محدثة مسبوقة بالعدم، فأما الحق تعالى: فهو الفرد المنزه عن الضد والند والمقابل والمعاضد، فلهذا قال تعالى: {والذي خلق الأزواج كلها} فهو مخلوق فدل هذا على أن خالقها فرد مطلق منزه عن الزوجية، قال الرازي: وأيضًا علماء الحساب يثبتون أن الفرد أفضل من الزوج من وجود الأول أن الاثنين لا توجد إلا عند حصول وحدتين، فالزوج محتاج إلى الفرد والفرد هو الوحدة وهي غنية عن الزوج والغني أفضل من المحتاج، الثاني: أن الزوج يقبل القسمة بقسمين متساويين والفرد لا يقبل القسمة وقبول القسمة انفعال وتأثر وعدم قبولها قوة وشدة فكان الفرد أفضل من الزوج، ثم ذكر وجوهًا أخر تدل على أن الفرد أفضل من الزوج وإذا كان كذلك ثبت أن الأزواج ممكنات ومخلوقات وأن الفرد هو القائم بذاته المستقل بنفسه الغني عما سواه {وجعل لكم من الفلك} أي: السفن العظام في البحر {والأنعام} كالإبل في البر {ما تركبون} وحذف العائد لفهم المعنى تغليبًا للمتعدي بنفسه في الأنعام على المتعدي بواسطة في الفلك، والعائد مجرور في الأول أي: فيه منصوب في الثاني وذكر الضمير وجمع الظهور في قوله تعالى: {لتستووا على ظهوره} نظرًا للفظ ما ومعناها: ولما أتم النعمة بخلق ما تدعو إليه الحاجة وجعله على وجه دال على ما له من الصفات، ذكر ما ينبغي أن تكون من غايتها على ما هو المتعارف بينهم من شكر المنعم، فقال دالًا على عظم قدر النعمة وبعد غايتها وعلو أمر الذكر بحرف التراخي {ثم تذوكرا} أي: بقلوبكم وصرف القول إلى وجه التربية حثًا على تذكر إحسانه للانتهاء عن كفرانه والإقبال على شكرانه فقال تعالى: {نعمة ربكم} أي: الذي أحسن إليكم بنعمة تسخيرها لكم وما تعرفونه من غيرها {إذا استويتم عليه} أي: على ما تركبونه وذلك الذكر هو أن يعرف أن الله تعالى خلق البحر وخلق الرياح وخلق جرم السفينة على وجه يمكن الإنسان من تصريف هذه السفينة إلى أي: جانب شاء، فإذا تذكر أن خلق البحر وخلق الرياح وخلق السفينة على هذه الوجوه القابلة لتصرف الإنسان ولتحريكاته إنما هو من تدبير الحكيم العليم القدير عرف أن ذلك نعمة من الله تعالى، فيحمله ذلك على الإنقياد لطاعة الله تعالى وعلى الإشتغال بالشكر لنعم الله تعالى التي لا نهاية لها.
ولما كان تذكر النعمة يبعث الجنان واللسان والأركان على الشكر لمن أسداها قال عز من قائل: {وتقولوا} أي: بألسنتكم جمعًا بين القلب واللسان {سبحان الذي سخر} أي: بعلمه الكامل وقدرته التامة {لنا هذا} أي: الذي ركبناه سفينة كانت أو دابة {وما} أي: والحال أنا ما {كنا له مقرنين} أي: مطيقين والمقرن المطيق للشيء الضابط له من أقرنه أي: أطاقه قال الواحدي: كان اشتقاقه من قولك صرت له قرنًا ومعنى قرن فلان أي: مثله في الشدة، وقيل: ضابطين وقال أبو عبيدة: قرن لفلان أي: ضابط له والقرن الحبل، ومعنى الآية: ليس عندنا من القوة والطاقة أن نقرن هذه الدابة والفلك وأن نطيقهما فسبحان من سخر لنا هذا بقدرته وحكمته.
روى الزمخشري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال: «بسم الله، فإذا استوى على الدابة قال: الحمد لله على كل حال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون». وروى أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح عن علي رضي الله عنه: «أنه وضع رجله في الركاب وقال: فقال بسم الله فلما استوى على الدابة، قال: الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذه الآية، ثم حمد ثلاثًا وكبر ثلاثًا ثم قال: لا إله إلا الله ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك فقيل: مم تضحك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ما فعلت فقلنا: ما يضحكك يا رسول الله قال: إن ربك يعجب من عبده إذا قال العبد لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ويقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري».
وروى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابة فلما استقر عليها كبر ثلاثًا وحمد الله تعالى ثلاثًا وسبح الله ثلاثًا وهلل الله تعالى واحدة وضحك، ثم أقبل عليه فقال: ما من امرئ مسلم ركب دابة فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله عليه يضحك إليه كما ضحكت إليك».
ولما كان راكب الفلك في خطر الهلاك وراكب الدابة كذلك أيضًا لأن الدابة قد يحصل لها ما يوجب هلاك الراكب وكذا السفينة قد تنكسر فوجب على الراكب أن يذكر أمر الموت ويقول:
{وإنا إلى ربنا} المحسن إلينا بالأقدار على هذه التنقلات على هذه المراكب لا إلى غيره {لمنقلبون} أي: لصائرون بالموت وما بعده إلى الدار الآخرة انقلابًا لا إياب معه إلى هذه الدار، فالآية منبهة بالسير الدنيوي على السير الأخروي وأكد لأجل إنكارهم البعث.
ولما قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} بين أنهم مع إقرارهم بذلك جعلوا له من عباده جزءا كما قال تعالى: {وجعلوا له من عباده} الذين أبدعهم كما أبدع غيرهم {جزأ} أي: ولدًا هو لحصرهم في الأنثى أحد قسمي الأولاد، وكل ولد فهو جزء من والده قال صلى الله عليه وسلم «فاطمة بضعة مني»، ومن كان له جزء كان محتاجًا فلم يكن إلهًا وذلك لقولهم: الملائكة بنات الله فثبت بذلك طيش عقولهم وسخافة آرائهم، وقرأ شعبة: بضم الزاي والباقون بسكونها وهما لغتان وإذا وقف حمزة نقل حركة الهمزة إلى الزاي.
ولما كان هذا في غاية الغلط من الكفر قال مؤكدًا لإنكارهم أن يكون كفرًا {إن الإنسان} أي: هذا النوع الذي هو بعضه {لكفور مبين} أي: بين الكفر في نفسه مناد عليها بالكفر وقوله تعالى: {أم اتخذ} أي: أعالج هو نفسه فأخذ هو بعد المعالجة وهو خالق الخلق كلهم {مما يخلق} أي: يجدد إبداعه في كل وقت {بنات} استفهام توبيخ وإنكار أي: فلم يقدر بعد التكلف والتعب على غير البنات التي هي أبغض الجزأين إليكم ثم عطف على قوله تعالى: {اتخذ} ليكون منفيًا على أبلغ وجه لكونه في حيز الإنكار {وأصفاكم} وهو السيد الكامل وأنتم عبيده أي: خصكم {بالبنين} اللازم من قولكم السابق ثم بين كون البنات أبغض إليهم بقوله تعالى: {وإذا} أي: جعلوا ذلك والحال أنه إذا {بشر} أي: من أي: مبشر كان {أحدهم} أي: أحد هؤلاء البعداء البغضاء {بما ضرب} أي: جعل {للرحمن} الذي لا نعمة على شيء من الخالق ألا وهي منه {مثلًا} أي: شبهًا بنسبة البنات إليه لأن الولد يشبه الوالد، والمعنى إذا أخبر أحدهم بالبنت تولد له {ظل} أي: صار {وجهه مسودًا} أي: شديد السواد لما يعتريه من الكآبة {وهو كظيم} أي: ممتلئ غمًا فكيف تنسب البنات إليه تعالى، هذا ما لا يرضى عاقل أن يمر بفكره فضلًا عن أن يتفوه به وقوله تعالى: {أومن ينشأ} أي: على ما جرت به عوائدكم {في الحلية} يجوز في مَنْ وجهان؛ أحدهما: أن تكون في محل نصب مفعولًا بفعل مقدر أي: أو تجعلون من ينشأ في الحلية، والثاني: أنه مبتدأ وخبره محذوف تقديره أو من ينشأ جزء أولد أو جعلوه له جزأ، والمعنى: أن التي تتزين في الحلية تكون ناقصة الذات لأنه لولا نقصانها في ذاتها لما احتاجت إلى تزيين نفسها بالحلية، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين أي: يربي، والباقون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين، وإذا وقف همزة وهشام أبدلا الهمزة ألفًا ولهما أيضًا تسهيلها والروم والإشمام، ثم بين نقصان حالها بطريق آخر بقوله تعالى: {وهو} أي: والحال أنه وقدم في إفادة الاهتمام قوله تعالى: {في الخصام} أي: المجادلة إذا احتج إليها فيها {غير مبين} أي: مظهر حجته لضعفه عنها بالأنوثة، قال قتادة: في هذه الآية قلما تتكلم امرأة فتريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها، ثم بين تعالى جرأتهم على ما لا ينبغي لعاقل أن يتفوه بقوله تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم} متصفون بأشرف الأوصاف وهو أنهم {عباد الرحمن} أي: العام النعمة الذين ما عصوه طرفة عين {إناثًا} وذلك أدنى الأوصاف خلقًا وخلقًا ذاتًا وصفة فهذا كفر ثالث كالكافرين قبله، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر: بكسر العين وبعدها نون ساكنة ونصب الدال، والباقون بعد العين بباء موحدة مفتوحة وبعدها ألف ورفع الدال ثم قال تعالى تهكمًا بهؤلاء القائلين ذلك وتوبيخًا لهم وإنكارًا عليهم {أشهدوا} أي: أحضروا {خلقهم} أي: خلقي إياهم فشاهدوهم إناثًا فإن ذلك مما يعلم بالمشاهدة، وقرأ نافع بهمزتين الأولى مفتوحة والثانية مضمومة مسهلة كالواو وسكون الشين، وأدخل قالون بينهما ألفًا ولم يدخل ورش والباقون بهمزة واحدة مفتوحة وفتح الشين.
{ستكتب} بكتابة من وكلناهم بهم من الحفظة الذين لا يعصوننا فنحن نقدرهم على جميع ما نأمرهم به {شهادتهم} أي: قولهم فيهم أنهم إناث الذي لا ينبغي أن يكون إلا بعد تمام المشاهدة فهو قول ركيك سخيف ضعيف كما أشار إليه التأنيث {ويسألون} عنها عند الرجوع إلينا، قال الكلبي ومقاتل: لما قالوا هذا القول سألهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما يدريكم أنهم إناث؟» قالوا: سمعنا من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا فقال تعالى: {ستكتب شهادتهم ويسألون} عنها في الآخرة هذا يدل على أن القول بغير دليل منكر وأن التقليد حرام يوجب الذم العظيم قال المحققون: هؤلاء الكفار كفروا في هذا القول من ثلاثة أوجه؛ أولها: إثبات الولد ثانيها: أن ذلك الولد بنت ثالثها: الحكم على الملائكة بالأنوثة.
تنبيه:
قال البقاعي: يجوز أن يكون في السين استعطاف التوبة قبل كتابة ما قالوا ولا علم لهم به فإنه قد روى أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرًا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه سبع ساعات لعله يسبح الله أو يستغفر». ثم نبه سبحانه على أنهم عبدوهم مع ادعاء الأنوثة فيهم فقال تعالى معجبًا منهم في ذلك وفي جعل قولهم حجة دالة على صحة مذهبهم وهو من أوهى الشبه: